أهم العوائق والصعاب التي تواجه معلمي العلوم الشرعية للمبتدئين الناطقين بغير العربية

للمبتدئين الناطقين بغير العربية

أولاً: التدقيق في اختيار الدارسين قبل مجيئهم

ثانياً: تباين مستويات الطلاب

ثالثاً: عدم وجود تآليف ميسرة تناسب أعمار الدارسين ومستوياتهم

رابعاً: تفاوت همم الطلاب، وتطلعاتهم، واستعجالهم

خامساً: التعريفات والمصطلحات

سادساً: قصر مدة الدراسة

سابعاً: اختلاف الأهداف

ثامناً: التوسع في الترجمة

 

لا شك أن الهدف الأول، والغرض الأساس لجل متعلمي اللغة العربية الناطقين بغيرها فهم هذا الدين فهماً صحيحاً، ومعرفته قرآناً، وسنة، وفقهاً، وسيرة، وسلوكاً معرفة جيدة، لأن اللغة العربية هي الماعون والوسيلة الوحيدة لمعرفة ذلك، لنزول القرآن الكريم، ونطق الرسول العظيم بها، لأنها لغة القرآن ولغة خير من نطق بالضاد.

يكفي اللغة العربية شرفاً، ويعليها منزلة، ويرفعها درجة، اختيار الله سبحانه وتعالى لها لتكون لغة لآخر كتبه، ولساناً لخاتمة شريعته، ووسيلة لمعرفة أسرار دينه ومكنون آيات كتابه، ولغة لأفضل رسله.

هنالك العديد من العوائق والصعاب التي تواجه المعلمين والمدرسين قبل الدارسين في تدريس العلوم الشرعية بفروعها المختلفة مع تفاوت بينها في ذلك للطلاب الناطقين بغير العربية، نود أن نشير إلى أهمها، لأن معرفة الأدواء، وتحليل الأخطاء، والوقوف على الصعاب والعوائق من العوامل الرئيسة لتحسين المستوى ورفع الكفاءة، إذ لا يمكن علاج أي مشكلة من المشاكل إلا إذا تعرفنا أولاً على مسبباتها، مستمدين ذلك بعد الله عز وجل من التجربة الطويلة في مجال تدريس هذه المواد للناطقين بغير العربية، والممارسة المفيدة، ومن الحرص على الوصول إلى أحسن الطرق وأفضلها، وأجدى الوسائل وأنفعها لتوصيل هذه المواد إلى الدارسين، ليتم لهم مقصودهم، وللقائمين المهتمين الحريصين على هذا الشأن مرادهم، إذ لا يزال هذا المجال في بداياته إذا ما قورن بما قام به أصحاب الألسن الأخرى خدمة لرطاناتهم، هذا بجانب ضعف الإمكانات وعدم استشعار البعض لأهمية هذا الأمر وخطورته، فأقول:

أولاً: التدقيق في اختيار الدارسين قبل مجيئهم

من العوامل المهمة، والأسباب المعينة، لتحسين الأداء وتجويده في مجال تعليم العربية والعلوم الشرعية للدارسين لها من الناطقين بغيرها، التدقيق الشديد، والحرص الأكيد في اختيار الطلاب، وعدم المجاملة في ذلك، وأن تراعى قلة الفرص وضعف الإمكانات، والفائدة المتعدية، بأن لا تعطى الفرصة لمن لا يستفيد منها، ولا يتم ذلك إلا بسفر عدد من الأساتذة إلى مراكز يجتمع فيها الراغبون من البلاد المتجاورة، وتجرى لهم مقابلات شخصية للتأكد من الآتي:

  1. مقدرة الدارس الذهنية، والنفسية، والجسدية.
  2. رغبة الدارس الحقيقية في دراسة اللغة العربية والعلوم الشرعية.
  3. عمر الطالب، بأن لا يتجاوز الخامسة عشرة، فقد دلت التجارب على عدم استفادة الكبار والصغار من هذا النوع من الدراسة.

وكان للمركز الإسلامي السبق في سَنَِّ هذه السنة الحسنة، بأن يذهب عدد من المختصين لإجراء تلك المعاينات في بلاد الطلاب قبل الدخول في التزامات أدبية ومالية نحو بعض الطلاب الذين لا مقدرة لديهم، أولا رغبة عندهم إِلاَّ في الخروج من بلادهم، والحصول على منحة من جهة ما، ثم بعد ذلك يحدث التحايل.

فعملية إرسال بعض الأساتذة لإجراء تلك المعاينات، ولاختيار أفضل وأحسن الطلاب قدرة ورغبة، في مراكز يسهل على الجميع الحضور إليها على الرغم من أنها مكلفة مادياً، إلا أنها هي صمام الأمان الوحيد لأداء هذه الرسالة، وفائدتها أكبر مما ينفق عليها، أوينفق على بعض الطلاب غير المقتدرين ولا الجادين أضعافاً مضاعفة.

ثانياً: تباين مستويات الطلاب

يتباين مستوى الطلاب وتتفاوت قدراتهم، وتختلف رغباتهم وأعمارهم في المستوى الواحد، هذا بالرغم من المجهودات التي بذلت وتبذل في وضع امتحان “تحديد المستوى، وتصنيف الطلاب”، إذ لا يزال هناك قصور في ذلك توضحه النتائج والتجارب، هذا بجانب أن بعض الطلاب الدارسين يمكرون ولا يظهرون كل قدراتهم لأسباب مختلفة وأغراض شتى، منها حسب الاستقراء والتجربة ما يأتي:

  1. حرص البعض على البقاء أكبر مدة ممكنة في البلد الذي يدرس فيه لأسباب تتعلق به.
  2. نظر البعض إلى الخاتمة والنهاية، فمن الدارسين من لا يرغب أن يلتحق بالجامعة في الفصل الأول أوالثاني، ومن ثم يدلِّس ولا يبدي مستواه الحقيقي، حتى لا يُصنَّف في مستوى متقدم.
  3. رغبة البعض في أن يبدأ الدراسة من أول مستوى – وهم أفضل الجميع – مع العلم أنه سبق له أن درس في بلده، ليحسن من مهاراته ويرفع من مقدراته.
  4. بعض الطلاب لا يرضى بالمستوى الذي وضع فيه، ويلح على الإدارة أن مستواه أرفع من ذلك، وأنه أفضل بكثير ممن وضعوا معه في المستوى، بدافع الغيرة من بعض من حضر معه من بلده وصُنِّف في مستوى أعلى.

هذه الأسباب منها ما يتعلق بإداراة المعاهد والمشتغلين بها، وهو إعادة النظر في اختبارات تحديد المستوى، ومراعاة المهارات المختلفة مع الحرص لمعرفة نفسيات الطلاب، وتعديلها من حين لآخر، علماً بأن عدداً أكبر من المختصين غير راضين عن هذه الاختبارات، ولهم عليها مآخذ عديدة، ولهم آراء مفيدة وسديدة، يمكن أن تضاف ويستفاد منها، وليس من المصلحة التغافل عنها.

أما الأسباب المتعلقة بالطلاب، بظروفهم واهتماماتهم، ونفسياتهم، فيمكن أن تعالج بطريقة فردية بحيث يمكن أن يرد الطالب إلى المستوى الذي يناسبه بعد تجربة قصيرة.

ثالثاً: عدم وجود تآليف ميسرة تناسب أعمار الدارسين ومستوياتهم

من العوائق الرئيسة، والصعاب الواضحة التي تواجه معلمي المواد الشرعية عدم وجود تآليف موحدة ميسرة تناسب أعمار الدارسين ومستوياتهم، وترك الأمر في كثير من المعاهد لاجتهادات الأستاذة الذين يدرسون تلك المواد، ولا شك أن اجتهاداتهم متفاوتة، وتقديراتهم مختلفة ومتباينة.

ففي بعض الأحيان يستعان ببعض الكتب والمذكرات التي وضعت للطلاب العرب في مراحلهم الأولية والمتوسطة.

وفي أحيان أخر يقع الاختيار على بعض الكتب نحو “الأربعين النووية”، على الرغم من صغر حجمه، لكن الأحاديث التي حواها شملت جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم، وتتحدث عن أمور مختلفة وأرفع بكثير عن إمكانات الطلاب لغوياً وثقافياً.

معلوم أن العملية التعليمية ترتكز على ثلاثة أسس وقواعد هي:

  1. المعلم.
  2. المتعلم.
  3. والكتاب.

فالكتاب هو المحور الثالث الأساس في العملية التعليمية، ولابد أن يكون مناسباً للدارس لغوياً وثقافياً ونفسياً، وإلا أعاق العملية التعليمية وبدد مجهودات المعلم والمتعلم.

ومما يحمد له فهناك مجهودات كبيرة بذلت، وكتب ومؤلفات برزت في عدد من المعاهد في جامعات المملكة المختلفة، سيما جامعة أم القرى والملك سعود، والإمام محمد بن سعود، والجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، ولكن لا تزال هذه الكتب والمذكرات تحتاج إلى إعادة نظر، وإلى تنقيح، سواء كان ذلك في مجال تعليم اللغة أوفي مجال العلوم الشرعية، مع الحرص على تجنب أن نكون عالة على الكفار في هذا المجال التربوي المهم الذي يرتبط بعقيدتنا وديننا ولغتنا وثقافتنا، اللهم إلا في مجال الوسائل التعليمية، فهي حق مشاع للجميع، وإن كنا حتى في مجال الوسائل إذا اجتهدنا وبحثنا لوجدنا في تراثنا وفي ابتكاراتنا ما فيه غنى وكفاية وزيادة عما عند الكفار.

ومما يشكر لإدارة معهد اللغة العربية بجامعة أفريقيا العالمية ولمدير الجامعة حرصهم واهتمامهم – وإن جاء متأخراً شيئاً ما – على تأليف كتب أساسية في تعليم اللغة العربية، وقد بدأت تباشير هذا العمل وظهرت العديد من المسودات التي بذل فيها المكلفون بتأليفها جهداً مشكوراً ونزلت الآن إلى دور التطبيق العملي لها في المستويات المختلفة.

وإسهاماً مني في ذلك فقد قمت بإعداد مفردات منهج متكامل للعلوم الشرعية، مصحوباً بأهدافه الخاصة والعامة ووسائل تدريسه، وسلمتها للإدارة قبل حين من الدهر.

لا يمكن لمثل هذا العمل أن يكون مفيداً أوأن يؤتي ثماره المرجوة إلا بالآتي:

  1. تفريغ من يقوم بذلك العمل تفريغاً كلياً أوجزئياً، ريثما يتمكن من القيام بذلك على الوجه المطلوب.
  2. إخضاع هذه المؤلفات إلى التجربة والمراجعة قبل طبعتها النهائية.
  3. تحفيز من يقومون بذلك مادياً وأدبياً.
  4. التعجيل بطبع هذه الكتب والمذكرات وتصميمها بصورة جيدة وتمليكها إلى الدراسين ومد المحتاجين إليها في المعاهد والمدارس المختلفة التي تعتني بذلك بنماذج منها.
  5. للتغلب على تكلفة ذلك يمكن الاستعانة ببعض الهيئات والمؤسسات الخيرية وبالمحسنين، فإن الخير باقٍ في هذه الأمة إلى يوم القيامة.

رابعاً: تفاوت همم الطلاب، وتطلعاتهم، واستعجالهم

الدارسون متفاوتون أشد التفاوت في هممهم، وتطلعاتهم، ورغبتهم في دراسة المواد الشرعية، فمنهم من يحرص على ذلك ويرغب فيه إلى أبعد الحدود، ومنهم من هو قانع بأقل القليل، ومنهم من هو زاهد حتى في اليسير.

فهذا التفاوت في الهمم والرغبات والاهتمامات يجعل من العسير التوفيق بين هذه المتناقضات والجمع بينها، سيما حين يضاف ذلك إلى تفاوتٍ في المستويات والقدرات والأعمار.

ليس من الممكن تحقيق هذه الرغبات ولا إغفالها جميعاً، ولهذا فإن إعداد الكتاب المناسب، ووجود الأستاذ المقتدر المتفاعل مع مادته، المقدِّر لمسؤوليته، الساعي لإرضاء ربه، ولخدمة شريعته، يساعد كثيراً، ويعين على التغلب على ذلك كله.

ينبغي على المعلمين مراعاة مصلحة الطالب وفق مقدرته الثقافية، وحصيلته اللغوية، فلا عبرة لتذمر المتذمرين، ولا اعتراض المعترضين.

فالمربي الناجح والأستاذ الصالح هو الذي لا يستجيب لردود الأفعال ولا يشتغل بها، وإنما يلتزم بالخطة الدراسية، وبالكتب المقررة المنهجية، وله معالجة هذه الفروق الفردية بمحاولات استثنائية.

خامساً: التعريفات والمصطلحات

من الصعاب التي يعاني منها معلمو المواد الشرعية للدارسين الناطقين بغير العربية أن العلوم الشرعية تحوي على العديد من التعريفات والمصطلحات التي يصعب على المعلم التصرف فيها، ويصعب على المتعلم فهمها وإدراكها بحصيلته اللغوية المحدودة.

ولهذا روعي أن يقتصر في المستويات الدنيا على تدريس القرآن والحديث الشريف معتمدين في ذلك بعد الله على التلقين، وفي الحديث مقتصرين على الأدعية والأذكار اليومية التي يمكن توضيحها من الناحية العملية وبالممارسة.

وإرجاء المواد الأخرى إلى المستويات العليا، حيث يكون الطالب قد حصل على قدر من اللغة تمكنه وتعينه على فهم هذه التعريفات والمصطلحات مع تيسيرها وشرحها بالمترادفات الأخرى، وبالتمثيل والشرح العملي واستعمال بعض الوسائل المعينة على فهم ذلك.

سادساً: قصر مدة الدراسة

تتراوح مدة الدراسة في معاهد اللغة العربية في العالم العربي بين السنتين والسنة والنصف، وهذه المدة غير كافية خاصة للطالب المبتدئ ليجيد مهارات اللغة المختلفة، من تحدث، ونطق صحيح، وقراءة، وكتابة، وتعبير، ودراسة العلوم الشرعية ولو بأقل قدر من تلاوة، وحديث، وسيرة، وفقه، وعقيدة.

هذا بجانب ما يعانيه بعض الطلاب من مشاكل خاصة وعامة، وعدم ملاءمة الأجواء لهم مناخياً، واجتماعياً، ومعيشياً.

ويخطئ كثير من الباحثين حين يقارنون اللغة العربية – أعزها الله – بغيرها من اللهجات التي هي شبيهة باللهجات العامية للعربية، فالدارس للغة الإنجليزية أوالفرنسية مثلاً يحتاج إلى لغة التخاطب التي يحصل عليها ممن يعاشرهم، وربما احتاج إلى كتابتها دعك عن غيرها من اللهجات، حيث تدرس تلك اللهجات والرطانات في سَنَة أوأقل من سَنَة، فقياس العربية بغيرها من جملة الظلم البين الواقع عليها من أبنائها.

هذا بجانب ضعف الإمكانات وقلة التجارب بالنسبة للغة العربية مقارنة بما يبذله أصحاب تلك اللغات لنشرها.

سابعاً: اختلاف الأهداف

تختلف أهداف الخطط الدراسية والدارسين؛ بعض المعاهد هدفها تخريج أساتذة يقومون بتدريس اللغة العربية لبني جنسهم، ولهذا بعد أن يخلِّص الدارس المرحلة الأولى ينتقل إلى دراسة برنامج لمدة تتراوح بين سنتين إلى أربع تكون الغلبة فيها للمواد التربوية.

وبعض المعاهد تعنى بدراسة ما يعرف “باللغة المتخصصة” التي تهيئ الدارس وتعينه على مواصلة دراسته في الكلية التي يريدها.

بينما نجد أن هدف الدراسات الإسلامية هدف جانبي تابع وليس أصيلاً في كثير من المعاهد التي تعنى بتدريس اللغة العربية لغير الناطقين بها.

وهذا يعتبر سبباً سالباً، ومعوقاً لإعطاء الدارس الذي لم يتمكن من مواصلة دراسته الجامعية أوتخصص تربوياً ليكون معلماً للغة العربية في بلده أوغيره ما يحتاجه في حياته، دعك عما يقدمه لإخوانه المسلمين.

لهذا من المهم جداً التأكيد والتأمين على أهمية الدراسات الإسلامية لمتعلمي اللغة العربية، وزيادة مقرراتها وساعاتها، مع الحرص على تأهيل معلميها تأهيلاً يمكنهم من توصيل هذه المادة بوسائل ناجعة وطريقة مفيدة.

ثامناً: التوسع في الترجمة

من العوامل المعيقة لتعليم اللغة العربية والعلوم الشرعية للناطقين بغير العربية التوسع في الترجمة نحو ترجمة معاني القرآن العظيم – وأنى للغة غير العربية من الأساليب والألفاظ والمعاني أن تسع معاني القرآن – وصحاح السنة، وكتب السيرة، وكثير من الرسائل، على الرغم من الأخطاء الفادحة، والمعاني المبكية المحزنة التي تحويها تلك التراجم، والتشويهات المنفرة منها.

لم يكتف بترجمة ذلك إلى اللغة الإنجليزية، والفرنسية، والألمانية، والروسية، واليابانية، بل تعدى ذلك إلى لهجات الأمم الإسلامية، إلى لهجات الهوسا، والفلاتى، والأردو وغيرها.

لا شك أن لهذه التراجم فوائد، ولكن ضررها أكبر من نفعها، بجانب الأخطاء والتشويهات المصاحبة لها، ولو لم يكن لها ضرر سوى اكتفاء البعض بها واقتصارهم عليها، والحيلولة دونهم ودون تعلم لغة القرآن ورسول الإسلام لكفى.

لو لجأ السلف الصالح إلى الترجمة إلى لهجات الداخلين في الإسلام من الفرس والقبط وغيرهم لما عمت اللغة العربية تلك الديار، وأصبحت هي لغة التخاطب والتدريس، بجانب أنها اللغة الرسمية، ولما نبع منهم أمثال سيبويه، وابن فارس، والجوهري، وغيرهم كثير رحمهم الله.

إذا كانت ترجمة كتب وثقافات الأعاجم إلى اللغة العربية على الرغم من إثرائها للغة العربية التي ازدهرت في عهد الخليفة المأمون العباسي سامحه الله أفسدت العقول وخربت العقائد، وكانت سبباً لتعذيب والتضييق على الأكابر من أئمة أهل السنة، بل وقتل بعضهم في تلك الفتنة المشؤومة التي تولى كبرها أئمة الضلال، صدقت فيها نبوءة ذلك القسيس الصادق الكذوب، عندما استشاره ملك قبرص في ذلك الحين، حين طلب منه المأمون إرسال كتبهم لترجمتها إلى العربية، قال له: أرسلها له، والله ما دخلت بلداً إلا أفسدته.

فالتوسع في الترجمة من العربية إلى اللغات واللهجات الأخرى عائق كبير للغة العربية، وصاد مانع لكثير من المسلمين وغيرهم لتعلم اللغة العربية، ودراسة العلوم الإسلامية باللسان العربي المبين.

ولو بذلت تلك الأموال التي تبذل الآن في الترجمة لإنشاء معاهد جديدة، ولتطوير القائم، ولطبع الكتب الأساسية لتعليم اللغة العربية والعلوم الشرعية للناطقين بغيرها، وتقويم المناهج، لكان المردود أكبر، والفائدة أعظم، والنتائج أسلم.

ولله در مالك بن أنس القائل: ما لم يكن في ذاك اليوم ديناً، فلن يكون اليوم ديناً، ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، هذه القواعد الجليلة والكلمات المفيدة التي خرجت من في عالم المدينة، داخلة في سائر أمور الدين، من العقائد، والعبادات، والسلوك، والتربية، والتعليم، وغيرها من المجالات.

وأخيراً تذكروا أحبتي الكـرام أن الله أعـزنا بالإسلام، وشرفنا بالانتساب إلى ملة خير الأنام، محمد بن عبد الله عليه أفضل وأزكى الصلاة والسلام، وجعل لساننا لسان ولد عدنان، فمن طلب العزة والرفعة والمنعة في غير ذلك أذله الله.

والله أسأل أن يعين ويوفق المسؤولين، والقائمين، والمهتمين بشأن تعليم اللغة العربية وعلوم الدين لأبناء المسلمين، وأن يتقبل منهم، ويبارك في مجهوداتهم، وييسر للاحقين التأسي بالسالفين.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

 

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *