متى يجوز تمني الموت؟ ومتى لا يجوز؟

يحرم تمني الموت في الحالات الآتية

يجوز تمني الموت في الحالات الآتية

أولاً:إذا خاف الفتنة في الدين

ثانيا: عند حضور أسباب الشهادة

ثالثاً: لمن وثق بعمله واشتاق لقاء ربه

 

لاشك أن الدنيا دار بلاء واختبار، وأن الله سبحانه وتعالى خلق الموت والحياة ليبلونا أينا أحسن عملاً، وخير مرداً، وأفضل كسباً.

وأن الله يبتلي عباده الصالحين والطالحين، الصالحين ليرفع درجتهم ويعلي منزلتهم، والطالحين ليطهرهم ويكفر سيئاتهم، بل إن ابتلاءه لعباده المخلصين ورسله المقربين أشد: “أشد الناس بلاءً الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل”، بله لقد جعل الله تجلت حكمته بلاءه في بعض الأحيان علامة من علامات حبه وإصطفائه، فعن أنس رضي الله عنه يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إن الله إذا أحب قوماً، ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط”2.

فالمؤمن أمره كله خير، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له، وليس هذا إلا للمؤمن كما أخبر الصادق المصدوق، ومن أركان الإيمان التي لا يتم إيمان العبد ولا يكتمل إلاَ بها الإيمان بقضاء الله وقدره، خيره وشره، حلوه ومره.

فمن علامات الإيمان، ومؤشرات الصدق واليقين، التسليم للقضاء، والرضا بالنازلة، وعدم التضجر والتسخط إذا أصاب الإنسان ما يخالف الهوى3، ولهذا قال الله عز وجل: “كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم”4.

صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن تمني الموت: “لا يتمنينَّ أحدُكم الموتَ لضرٍّ نزل به، فإن كان لابد فاعلاً فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي”5.

وخرج أحمد بسنده عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “لا تتمنوا الموت، فإن هول المطلع شديد، وإن من السعادة أن يطول عمر العبد ويرزقه الله الإنابة”.

وصح كذلك أن بعض الأخيار من الأنبياء، والمرسلين، والصحابة، والسلف الصالحين من هذه الأمة ومن السابقين تمنوا الموت وسألوه، منهم يوسف عليه السلام حين قال: “توفني مسلماً وألحقني بالصالحين”، ومنهم عمر، وعلي، ومعاذ، وأبو الدرداء رضي الله عنهم.

فدل ذلك على أنه هناك حالات يحرم فيها تمني الموت وحالات يجوز فيها تمنيه، توفيقاً بين الأحاديث والآثار، سيما وقد تمنى الموت من أمرنا بالاقتداء بهم كعمر رضي الله عنه، وما أدراك ما عمر؟!

فمتى يحرم تمني الموت؟ ومتىيجوز تمنيه؟

يحرم تمني الموت في الحالات الآتية

يحرم على المسلم تمني الموت لضر دنيوي نزل به، في نفسه، أوولده، أوماله، وهذا هو الذي عناه الرسول صلى الله عليه وسلم: “لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به”.

قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله: (فتمني الموت يقع على وجوه، منها تمنيه لضر دنيوي ينزل بالعبد، فينهى حينئذٍ عن تمني الموت، ووجه كراهيته في هذه الحال أن المتمني للموت لضر نزل به إنما يتمناه تعجيلاً للاستراحة من ضره، وهو لا يدري إلى ما يصير بعد الموت، فلعله يصير إلى ضرٍ أعظم من ضره، فيكون كالمستجير من الرمضاء بالنار، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إنما يستريح من غفر له”.

يجوز تمني الموت في الحالات الآتية

  1. إذا اشترط أن يكون الموت خيراً له كما جاء في الحديث السابق.
  2. إذا خاف الفتنة في الدين.
  3. عند حضور أسباب الشهادة.
  4. لمن وثق عمله وأشتاق لقاء ربه.

الأدلة على جواز تمني الموت في الحالات السابقة

أولاً:إذا خاف الفتنة في الدين

  1. ما حكاه الله على لسان سحرة فرعون: “قالوا ربنا أفرغ علينا صبراً وتوفنا مسلمين”7.
  2. وما حكاه الله على لسان مريم عندما اتهمت بالفاحشة: “يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسياً منسياً”8، وذلك عندما قالوا لها: “يا مريم لقد جئت شيئاً فريا* يا أخت هرون ما كان أبوك إمرء سوءٍ وما كانت أمك بغياً”9، لأنها لم تكن ذات زوج.
  3. وقال عمر: “اللهم انتشرت رعيتي، وكبرت سني، وضعف جسمي، فأقبضني إليك غير مفتون”.
  4. وقال علي رضي الله عنه في آخر خلافته عندما رأى أن الأمور لا تجتمع له، ولا يزداد الأمر إلاّ شدة: “اللهم خذني إليك، فقد سئمتهم وسئموني”.
  5. وكذلك قال البخاري رحمه الله لما وقعت الفتنة بينه وبين أمير خرسان وجرى فيها ما جرى، قال: “اللهم توفني إليك”.
  6. وفي الحديث الصحيح: “أن الرجل ليمر بالقبر ـ في زمان فتنة الدجال ـ فيقول: “يا ليتني كنت مكانك”.
  7. وفي حديث معاذ: “فإذا أردت فتنة فاقبضني إليك غير مفتون”10.
  8. وفي حديث عمار يرفعه: “أسألك لذة النظر إلى وجهك، وشوقاً إلى لقائك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة”.

ثانيا: عند حضور أسباب الشهادة

إذا التقى الصفان وحضرت أسباب الشهادة جاز تمني الموت حينئذٍ، كما فعل عبد الله بن جحش، وعبد الله بن رواحة، والبراء بن مالك، وغيرهم.

روى أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “كم من ضعيف متضعف ذي طمرين، لو أقسم على الله لأبرَّه”11، وأن البراء بن مالك لقى زحفاً من المشركين، فقال له المسلمون: أقسِم على ربك؛ فقال: أقسمتُ عليك يا رب لما منحتنا أكتافهم؛ فمنحهم أكتافهم، ثم التقوا مرة أخرى فقالوا: أقسم على ربك؛ فقال: أقسمت عليك يا رب لما منحتنا أكتافهم، وألحقني بنبيك؛ فمنحوا أكتافهم، وقتل البراء.

وروي إن عبد الله بن جحش رضي الله عنه قال يوم أحد: يارب إذا لقيت العدو غداً، فلقني رجلاً شديداً بأسه، شديداً حرده، أقاتله فيك ويقتلني، ثم يأخذني فيجدع أنفي وأذني، فإذا لقيتك غداً، قلت: ياعبد الله، من جدع أنفك وأذنك؟ فأقول: فيك وفي رسولك؛ فتقول: صدقتَ؛ قال سعد بن أبي الوقاص: فلقد رأيته آخر النهار، وإن أنفه وأذنه لمعلقتان في خيط”.12

 ثالثاً: لمن وثق بعمله واشتاق لقاء ربه

  1. في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عند احتضاره جعل يرفع اصبعه عند الموت ويقول: “اللهم في الرفيق الأعلى ثلاثاً”.
  2. وسأل معاذ بن جبل الشهادة له ولآل بيته عندما نزل الطاعون بعِمْواس.
  3. قال أبو الدرداء رضي الله عنه: أحب الموت اشتياقاً إلى لقاء ربي عزوجل.
  4. وقال أبو عنبسة الخولاني: كان من قبلكم لقاء الله أحب إليه من الشهد.

قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله: (وقد دل على جواز ذلك قول الله عز وجل: “قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين”13، وقوله: “قل يا أيها الذين هادوا إن زعمتم أنكم أولياء الله من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين”14، فدل ذلك على أن أولياء الله لا يكرهون الموت بل يتمنونه، ثم أخبر أنهم “لا يتمنونه أبداً بما قدمت أيديهم”15، فدل إنما يكره الموت من له ذنوب يخاف القدوم عليها، كما قال بعض السلف: ما يكره الموت إلا مريب)16.

والله أسأل أن يطيبنا للموت ويطيبه لنا، في غير ضراء مضرة، ولا فتنة مضلة، وأن يجعل خير  أعمالنا خواتمها، وخيرأعمارنا أواخرها، وخيرأيامنا يوم لقائه، وصلى الله وسلم وبارك على محمد وآله وصحبه، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

 

الرِّياء خطره وأنواعه

من الأدواء المهلكة، والأمراض الفاتكة، والخسائر الفادحة الرياء، حيث فيه خسارة الدين والآخرة، ولهذا حذر منه المتقون، وخافه الصالحون، ونبه على خطورته الأنبياء والمرسلون، ولم يأمن من مغبته إلا العجزة، والجهلة، والغافلون، فهو الشرك الخفي، والسعي الرديء، ولا يصدر إلا من عبد السوء الكَلَِّ المنكود.

الرياء كله دركات، بعضها أسوأ من بعض، وظلمات بعضها أظلم من بعض، وأنواع بعضها أخس  وأنكد من بعض، فمنه الرياء المحض، وهو أردأها، ومنه ما هو دون ذلك، ومنه خطرات قد أفلح من دفعها وخلاها، وقد خاب من استرسل معها وناداها.

فالعمل لغير الله أنواع وأقسام، كلها مذمومة مردودة، ومن الله متروكة، فالله سبحانه وتعالى أغنى الشركاء، وأفضل الخلطاء، فمن أشرك معه غيره تركه وشركه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “يقول الله تبارك وتعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه”.1

وفي رواية لابن ماجة: “فأنا منه بريء وهو للذي أشرك”.2

والأنواع هي3:

  1. الرياء المحض

وهو العمل الذي لا يُراد به وجه الله بحال من الأحوال، وإنما يراد به أغراض دنيوية وأحوال شخصية، وهي حال المنافقين الخلص كما حكى الله عنهم:

“وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراؤون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلاً”.4

“ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطراً ورئاء الناس ويصدون عن سبيل الله”.5

“فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون الذين هم يراؤون ويمنعون الماعون”.6

وهذا النوع كما قال ابن رجب الحنبلي يكون في الأعمال المتعدية، كالحج، والصدقة، والجهاد، ونحوها، ويندر أن يصدر من مؤمن: (فإن الإخلاص فيها عزيز، وهذا العمل لا يشك مسلم أنه حابط، وأن صاحبه يستحق المقت من الله والعقوبة).

  1. أن يراد بالعمل وجه الله ومراءاة الناس

وهو نوعان:

أ‌. إما أن يخالط العملَ الرياءُ من أصله

فقد بطل العمل وفسد والأدلة على ذلك بجانب حديث أبي هريرة السابق:

  • عن شداد بن أوس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من صلى يرائي فقد أشرك، ومن صام يرائي فقد أشرك، ومن تصدَّق يرائي فقد أشرك، وإن الله يقول: أنا خير قسيم لمن أشرك بي شيئاً، فإن جدة عمله قليله وكثيره لشريكه الذي أشرك به، أنا عنه غني”.7
  • وعن أبي سعيد بن أبي فضالة الصحابي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا جمع الله الأولين والآخرين ليوم لا ريب فيه، نادى منادٍ: من كان أشرك في عمل عمله لله عز وجل فليطلب ثوابه من عند غير الله عز وجل، فإن الله أغنى الشركاء عن الشرك”.8
  • وخرج الحاكم من حديث ابن عباس: “قال رجل: يا رسول الله: إني أقف الموقف وأريد وجه الله، وأريد أن يُرى موطني، فلم يرد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزلت: “فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً”.9″ 10

قال ابن رجب: (وممن روي عنه هذا المعنى، وأن العمل إذا خالطه شيء من الرياء كان باطلاً: طائفة من السلف، منهم عبادة بن الصامت، وأبو الدرداء، والحسن، وسعيد بن المسيب، وغيرهم.

ومن مراسيل القاسم بن مُخَيْمِرَة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا يقبل الله عملاً فيه مثقال حبة من خردل من رياء”.

ولا نعرف عن السلف في هذا خلافاً، وإن كان فيه خلاف عن بعض المتأخرين).

ب. وإما أن يطرأ عليه الرياء بعد الشروع في العمل

فإن كان خاطراً ماراً فدفعه فلا يضرُّه ذلك، وإن استرسل معه يُخشى عليه من بطلان عمله، ومن أهل العلم من قال يُثاب ويُجازى على أصل نيته.

قال ابن رجب: (وإن استرسل معه، فهل يحبط عمله أم لا يضره ذلك ويجازى على أصل نيته؟ في ذلك اختلاف بين العلماء من السلف حكاه الإمام أحمد وابن جرير الطبري، ورجحا أن عمله لا يبطل بذلك، وأنه يُجازى بنيته الأولى، وهو مروي عن الحسن البصري وغيره.

ويستدل لهذا القول بما خرجه أبو داود في “مراسيله”11 عن عطاء الخرساني أن رجلاً قال: يا رسول الله، إن بني سَلَمَة كلهم يقاتل، فمنهم من يقاتل للدنيا، ومنهم من يقاتل نجدة، ومنهم من يقاتل ابتغاء وجه الله، فأيهم الشهيد؟ قال: كلهم، إذا كان أصل أمره أن تكون كلمة الله هي العليا”.

وذكر ابن جرير أن هذا الاختلاف إنما هو في عمل يرتبط آخره بأوله، كالصلاة، والصيام، والحج، فأما ما لا ارتباط فيه، كالقراءة، والذكر، وإنفاق المال، ونشر العلم، فإنه ينقطع بنية الرياء الطارئة عليه، ويحتاج إلى تجديد نية.

وكذلك روي عن سليمان بن داود الهاشمي12 أنه قال: ربما أحدث بحديث ولي نية، فإذا أتيت على بعضه تغيرت نيتي، فإذا الحديث الواحد يحتاج إلى نيات.

ولا يرد على هذا الجهاد، كما في مرسل عطاء الخرساني، فإن الجهاد يلزم بحضور الصف، ولا يجوز تركه حينئذ فيصير كالحج).

  1. أن يريد بالعمل وجه الله والأجر والغنيمة

كمن يريد الحج وبعض المنافع، والجهاد والغنيمة، ونحو ذلك، فهذا عمله لا يحبط، ولكن أجره وثوابه ينقص عمن نوى الحج والجهاد ولم يشرك معهما غيرهما.

خرج مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إن الغزاة إذا غنموا غنيمة تعجلوا ثلثي أجرهم، فإن لم يغنموا شيئاً تمَّ لهم أجرُهم”.13

وروي عن عبد الله بن عمرو كذلك قال: “إذا أجمع أحدكم على الغزو فعوضه الله رزقاً، فلا بأس بذلك، وأما أن أحدكم إن أعطي درهماً غزا، وإن مُنع درهماً مكث، فلا خير في ذلك”.

وقال الأوزاعي: إذا كانت نية الغازي على الغزو، فلا أرى بأساً.

وقال الإمام أحمد: التاجر، والمستأجر، والمكاري أجرهم على قدر ما يخلص من نيتهم في غزاتهم، ولا يكون مثل من جاهد بنفسه وماله لا يخلط به غيره.

وقال أيضاً فيمن أخذ جعلاً على الجهاد إذا لم يخرج لأجل الدراهم فلا بأس أن يأخذ، كأنه خرج لِدِينه، فإن أعطي شيئاً أخذه.

وقال ابن رجب: (فإن خالط نية الجهاد نية غير الرياء، مثل أخذ أجرة للخدمة، أوأخذ شيء من الغنيمة، أوالتجارة، نقص بذلك أجر جهادهم، ولم يبطل بالكلية..

وهكذا يقال فيمن أخذ شيئاً في الحج ليحج به، إما عن نفسه، أوعن غيره، وقد روي عن مجاهد أنه قال في حج الجمَّال، وحج الأجير، وحج التاجر، هو تمام لا ينقص من أجورهم شيء، وهو محمول على أن قصدهم الأصلي كان هو الحج دون التكسب.

  1. أن يبتغي بعمله وجه الله فإذا أثني عليه سُرَّ وفرح بفضل الله ورحمته فلا يضره ذلك إن شاء الله

فعن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سُئل عن الرجل يعمل العمل لله من الخير، ويحمده الناس عليه، فقال: “تلك عاجل بشرى المؤمن”.14

وفي رواية لابن ماجة: “الرجلُ يعمل العمل لله فيحبُّه الناس عليه”.15

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال: يا رسول الله، الرجل يعمل العمل فيُسِِرُّه، فإذا اطلع عليه، أعجب، فقال: “له أجران: أجر السر وأجر العلانية”.16

قال ابن رجب: (وبالجملة، فما أحسن قول سهل بن عبد الله التُستري: ليس على النفس شيء أشق من الإخلاص، لأنه ليس لها فيه نصيب.

وقال يوسف بن الحسين الرازي: أعز شيء في الدنيا الإخلاص، وكم أجتهد في إسقاط الرياء عن قلبي، وكأنه ينبت فيه على لون آخر.

وقال ابن عيينة: كان من دعاء مطرِّف بن عبد الله: اللهم إني أستغفرك مما تبتُ إليك منه، ثم عدت فيه، وأستغفرك مما جعلته لك على نفسي، ثم لم أفِ لك به، وأستغفرك مما زعمتُ أني أردت به وجهك، فخالط قلبي منه ما قد علمتَ).

ورحم الله القائل:

أستغفرُ الله من أستغفر الله         من كلمة قلتها خالفتُ معناها

اللهم إنا نعوذ بك من أن نشرك بك شيئاً ونحن نعلم، ونستغفرك لما لا نعلم، وصلى الله وسلم على إمام المتقين وسيد المتوكلين المخلصين، وعلى آله وصحبه الغر الميامين.